هوامش على تشكيل محكمة العدل السامية.|معمر محمد سالم

تحليل المأمول و السياقات السياسية و محاولات توظيفها غالبا ما يحجب النقاش الرصين للمؤسسات الدستورية، فيضيع التفكير الحصيف في سيل التأويل البعيد و غير المؤسس.
أقر مبدئيا أنني لست متخصصا في المجال الدستوري و بضاعتي فيه مزجاة، و لذلك سأعتصم بالنص و الأصل فهما العاصم من الوقوع في شطط التحليل الذي تجود به العاطفة الجياشة.
و أعتقد أن هناك ثلاث احتمالات للسعي لتشكيل محكمة العدل السامية سأبينها على النحو التالي:
1- محكمة العدل ضرورة دستورية
نصت المادة: 92 من الدستور الموريتاني على مؤسسة دستورية تسمى محكمة العدل السامية، و لأن الدستور يقف عند تحديد شكل المؤسسات فحسب، فقد أردف المشرع الموريتاني القانون النظامي رقم: 021/ 2008 المحدد للإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة.
و على ذلك قد يكون تشكيل هذه المحكمة مجرد ملء لفراغ تشريعي ظل مطلبا للمعارضة الموريتانية يشعر رئيس الجمهورية أيا كان بإمكانية المساءلة و المحاسبة.
2_ تشكيل المحكمة لمحاكمة الرئيس السابق.
هذا الاحتمال لا يستند لأساس قانوني، لأن المادة: 92 نصت على أن اختصاص هذه المحكمة محصور في محاكمة الرئيس الذي مازال يمارس مهامه رئيسا للجمهورية، و لذلك ينبغي أن يعاد الرئيس السابق إلى ممارسة السلطة و لو ليوم واحد لينطبق عليه الوصف القانوني! لكن بالإمكان محاكمته أمام القضاء العادي.
يضاف إلى المانع الثاني أن المحاكم تشكل قبل معرفة المتهم بالقياس على التنظيم القضائي و لا ينبغي تشكيلها لمحاكمة شخص معلوم قبل تشكيلها فتلك تحكمية قضائية، فالأصل أن تشكيلة المحكمة مشكلة قبل إحالة المتهمين إليها.
و قد قاد إلى هذا التحليل إثبات صراع " البراء و الولاء" بالمفهوم الأصولي بين الرئيس الحالي و الرئيس المنصرف.
القطيعة مع الممارسة السياسية للرئيس السابق تتجسد في القطيعة مع الفساد و الزبونية و المحسوبية و الشروع في التسيير الجيد للمؤسسات العمومية، و هي قيم حكامة رشيدة لا تبدو في الأفق، فقد قضى تدوير المفسدين و تبديد الأموال العمومية على جرعات أملها على حد تعبير باراك أوباما في كتابه "جرعة الأمل".
3- محاكمة الرئيس الحالي
بنفس منطق المأمول في صراع " الولاء و البراء" يمكن القول إن محكمة العدل السامية قد يكون تشكيلها الآن الفتاف على الرئيس الحالي لمحاكمته على تهم لم تظهر بعد أو لم يكشف عنها، فهو وحده من يدخل ضمن اختصاصها!
مشاركة هذا المحتوى: